تربية الابناء التربيه الصالحه ...
يا سعادة من ربّى أبناءه تربية صالحة حتى يكونوا له ذخرًا يوم القيامة
كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب إذا نهى الناس عن أمر، دعا أهله فقال:
إني نهيت الناس عن كذا وكذا، وإنما ينظر الناس إليكم نظر الطير إلى اللحم، فإن وقعتم وقع الناس، وإن هبتم هاب الناس، وإنه والله لا يقع أحد منكم في شيء نهيت عنه، إلا أضعف له العقوبة لمكانه مني .
ورأى الخليفة عمر بن عبدالعزيز في يد ولد من أولاده خاتماً قيمة فَصّه ألف درهم فأقسم عليه أن يبيعه، ويجعل ثمنه في بطن ألف جائع، وأن يتخذ مكانه خاتماً ينقش عليه( رحم الله امرأ عرف قدره ) .
وقال سهل بن عبدالله التُستري : كنت وأنا ابن ثلاث سنين أقوم بالليل، فأنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار.
فقال لي يوماً: ألا تذكر الله الذي خلقك؟
فقلت: كيف أذكره؟
قال: قل بقلبك عند تقلبك في ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك.
( الله معي ، الله ناظر إليّ ، الله شاهدي ) .
فقلت ذلك ليالي ، ثم أعلمته.
فقال: قل في كل ليلة سبع مرات.
فقلت ذلك ثم أعلمته.
فقال: قل ذلك كل ليلة إحدى عشرة مرة.
فقلته، فوقع في قلبي حلاوته، فلما كان بعد سنة، قال لي خالي :
احفظ ما علمتك ، ودم عليه إلى أن تدخل القبر، فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة.
فلم أزل على ذلك سنين ، فوجدت لذلك حلاوة في سري .
ثم قال لي خالي يوماً : يا سهل ، من كان الله معه ، وناظراً إليه ، وشاهده، أيعصيه؟! إياك والمعصية!
فكنت أخلو بنفسي ، فبعثوا بي إلى المكتب (الكتّاب) .
فقلت: إني لأخشى أن يتفرق عليَّ همي ، ولكن شارطوا المعلم ، أني أذهب إليه ساعة فأتعلم ، ثم أرجع فمضيت إلى الكتاب، فتعلمت القرآن، وحفظته وأنا ابن ست سنين ، أو سبع سنين وكنت أصوم الدهر، وقوتي من خبز الشعير اثنتي عشرة سنة ،
فوقعت لي مسألة، وأنا ابن ثلاث عشرة سنة، فسألت أهلي أن يبعثوني إلى أهل البصرة فسألت علماءها، فلم يشفِ أحد عني شيئاً.
فخرجت إلى عبادان. إلى رجل يُعرف بأبي حبيب حمزة ابن أبي عبدالله العباداني، فسألته عنها، فأجابني، فأقمت عنده مدة، أنتفع بكلامه، وأتأدب بآدابه، ثم رجعت إلى تُستر...).
وشعر والد بدنو أجله، فجمع أولاده ، وأمرهم بإحضار حُزمة من عصيّ ، فأحضروها، قال لأحدهم: إكسر يا بني هذه العصي ... فحاول الابن ذلك بكل قواه، فلم يستطع
فقال له: أعطها أخاك، لعل في قدرته أن يفعل ما لم تفعل فحاول الثاني ذلك فلم يُفلح أيضاً.
وهكذا مرت حزمة العصي من واحد إلى آخر، كل يحاول كسرها فلا يستطيع
فقال الوالد حينئذ: اعلموا يا بني أن هذا حالكم من القوة إذا اتحدتم، ثم فرق العصي وناولهم إياها واحدة واحدة ، فكسروها بلا عناء.
فقال الوالد: هذه حالكم يا بني إذا تفرقتم، وأنشد:
كونوا جميعاً يا بني إذا اعترى .... خطبُ ولا تتفرقوا آحادا
تأبى العصيُّ إذا اجتعمن تكسراً ... وإذا افترقن تكسرت أفرادا